رئيس التحرير
علاء الجمل

عبدالفتاح عبدالرازق يكتب:

من حديث القرآن عن بنى إسرائيل ( 1 )

“لُعِنَ اللذينَ كَفَروا من بنى إسرائيل على لِسَانِ داود وعيسى بن مريم ذلك بما عَصَوا وكانوا يعتدون”.. المائدة

يُمثل اليهود أشد عقبة حاولت الوقوف فى طريق الإسلام، فلم يعرف الإسلام أعداء كانوا أشد حقدًا عليه وعلى أبنائه من اليهود.

“لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ”… المائدة

مع أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان أول من قام بالموادعة مع اليهود فى عهد المدينة، إلا أنهم خانوا عهدهم معه فى أول تجربة، وكوَّنوا أول جبهة متضامنة على الكفر بالإسلام فى المدينة بصورة جماعية وعلانية.

ومن ناحية أخرى كان اليهود أول من خلق سنة النفاق فى الدين لمَّا أحسُّوا بقوة المسلمين، ولذلك فكروا فى هذا الخُلُق الذى تأباه طبيعة العرب الذين تميزوا بالصراحة حتى فى إعلان الكفر.

أمَّا اليهود – وهذا شأنهم فى الإذعان لمنطق القوة – ومن تأثر بخُلُقهم من أهل المدينة وما حولها، فقد حكى القرآن عنهم بأسلوب حقيقى الموضوع ساخر التصوير:

“وقالت طائفةٌ من أهلِ الكتابِ آمنوا بالذى أُنزل على الذين آمنوا وجهَ النهار واكفروا آخِرَهُ لعلَّهم يَرجِعوُن ”.. آل عمران

ووجه السخرية فى التصوير أنه ليس المقصود التقسيم الزمنى حقيقةً، بأن يؤمنوا فى وقت من النهار، ويكفروا فى وقت آخر، وإنما المقصود أن يُظهِروا الإيمان حين يخالطون الناس، ليُظهروا لهم أنهم مسلمون معهم، وأن يَظهَروا على حقيقة كُفرِهِم حين يَخلونَ إلى أنفسهم، أو يخلوا بَعضُهُم ببعض.

وهذا التناقض بين ما يبدوا كأنه إيمانٌ حقيقى، ثُمَّ ينقلب إلى كُفرٍ حقيقى فى يوم بل فى نهارٍ واحد شىءٌ مثيرٌ للعجب.

“وإذا لَقُوا الذين آمنوا قالوا آمنَّا وإذا خَلَوا إلى شياطينهم قالوا إنَّا معكم إنما نحنُ مستهزءون ”.. البقرة

فهل شايعهم عربٌ فى نفاقهم هذا ؟ 

هذا ما نَعِدُ بالحديث عنه فى المرة القادمة إن شاء الله.