رئيس التحرير
علاء الجمل

عبدالفتاح عبدالرازق يكتب:

فتح مكة.. رد قوي على الإخلال بأحد شروط "الحديبية"

مصر الآن

اليوم تحل علينا ذكرى غالية تذكرنا بالعزة الإسلامية فى أوج انتصاراتها عندما قرر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فتح مكة البلد الحرام عندما أخلت قريش بأحد شروط صلح الحديبية.

وذلك عندما أغار بنو بكر حلفاء قريش على خزاعة حلفاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأخذوهم بغتة وهم على ماء لهم، وأعانهم على غدرهم رجال قريش، فما كان من خزاعة إلا أن أرسلوا رسولًا إلى نبى الله – صلى الله عليه وسلم – يخبره خبر ما جرى، ويستنصره على هؤلاء الذين غدروا بهم، فأجابهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى ما طلبوا، فقريش نقضت عهدها، وظاهرت حلفاءها على حلفائه، فلتُفْتَح مكة إذن.

نحس بالعزة الإسلامية ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ "سورة المنافقون حزء من الآية 8"، فى هذا الموقف حين يقرر قائد المسلمين – صلى الله عليه وسلم – تأديب الطرف الآخر الذى نكث بعهده مع المسلمين فى صلح الحديبية.

ونتساءل هل استطاعت دولة عربية أو إسلامية تكبلت بمعاهدات دولية مع غيرها أن تتخذ موقفًا صريحًا للطرف الآخر فى المعاهدة الذى أخلَّ بها مُعلنًا ذلك مجاهرًا به، اللهم لا.

وإلا لما استطاع اليهود فعل ما يفعلون فى غزة وفلسطين متجاهلين كل المعاهدات والمواثيق الدولية أو التى بينهم وبين دول عربية.

نرجع إلى موقف قريش عندما علمت بعزم رسول الله – صلى الله عليه وسلم نصرة خزاعة على بنى بكر وقريش.

أرسلت قريش كبيرها أبا سفيان بن حرب إلى المدينة ليستوثق من المعاهدة، بل ويمد أجلها فما وجد من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا إعراضًا عنه وعن كلامه، وكذلك لما تكلم مع أبى بكر وعمر - رضى الله عنهما - أعرضا عنه بل أغلظ له الفاروق عمر فى القول وأنذره بالشر على ما جاء فى تاريخ الطبرى.

واستنفر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قبائل الأعراب الذين حول المدينة وقال: " مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضُر رمضان بالمدينة".

فاجتمع من قبائل أسلم وغفار ومُذينة وجهينة وأشجع حشد كبير.

ومن حكمته – صلى الله عليه وسلم – أنه أخفى نيته فى الفتح حتى لا يعلم أهل مكة فيستعدوا فتكون الحرب ، والرسول – صلى الله عليه وسلم - لا يريد أن تراق دماء على أرض البلد الحرام.

حتى إن سعد بن عبادة – رضى الله عنه – حامل الراية لما قال لأبى سفيان ( اليومَ يوم الملحمة، اليوم تستحلُّ الكعبة ).

فلما أُخبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بمقالة سعد قال: "كذب سعد، ولكن هذا يوم تُعَظَّمُ فيه الكعبة"

( وذلك كما فى البخارى )، وأخذ الراية منه وأعطاها لابنه قيس بن سعد.

وفى صبيحة يوم الجمعة العشرين من رمضان بالعام الثامن من الهجرة دخل الجيش الإسلامى المنتصر بلا دماء إلا دماء قلة من شبان قريش ناوشوا خالد بن الوليد أسفل مكة – البلد الحرام – تحت قيادة سيد الخلق أجمعين الذى كسر الأصنام وطهر الكعبة وأمر بلالًا برفع الأذان فوق الكعبة وطاف بالبيت وصلى عند مقام إبراهيم وشرب من ماء زمزم.

ثم أرسل كلماته الخالدة لأهل مكة:

اذهبوا فأنتم الطلقاء

                           وإلى لقاء........