رئيس التحرير
علاء الجمل

هل يقضي معدل التضخم الأكبر في تاريخ مصر على فرص التعويم الجديد للجنيه؟

مصر الآن

أثار إعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الاثنين وصول معدل التضخم إلى أعلى معدل له في تاريخ مصر، قلق الحكومة من أن يزيد أي تخفيض جديد للجنيه من الأعباء، التي تثقل كاهل غالبية المصريين.

التضخم وتعويم الجنيه


وبعد ارتفاع معدل التضخم في يونيو 2023 إلى 35.7٪، مقارنة ب 32.7٪  في مايو، أصبح قرار الخفض للجنيه، وفقا لمطالبات مؤسسات تمويل دولية ودول عربية، أمرا بالغ الصعوبة، خصوصا بعد تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مسألة سعر صرف الجنيه قضية أمن قومي.
وكان بنكان دوليان هما جولدمان ساكس الأمريكي، ودوياشه بنك الالماني أكدا في مذكرتين مؤخرا أن اي تعويم جديد للعملة المصرية سيكون بدون جدوى في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة الحصيلة الدولارية، بل سيزيد معدلات التضخم لأرقام صعبة. 
وتواجه الحكومة تحديا كبيرا يتمثل في الالتزام ببنود الإتفاق المبرمج مع صندوق النقد الدولي، والذي يتضمن تحريرا كاملا لصرف الجنيه، وهو أحد البنود الخلافية بين الطرفين والتي أدت إلى تأجيل المراجعة الدورية من قبل الصندوق لإجراءات الحكومة المصرية الإقتصادية، والتي كان مقررا أن تتم في مارس الماضي، وتأجلت إلى سبتمبر المقبل. 
ووفق تقرير أصدره مركز حلول للدراسات البديلة مؤخرا فإن كثيرا من المختصين يرون أن الحكومة أجلت خطوة التعويم مؤقتًا ولم تلغِها، وأنها ستقوم بتخفيض سعر الصرف بحلول سبتمبر القادم، بعد تجميع حصيلة دولارية كافية تواجه بها زيادة الطلب المتوقع على العملة الخضراء، حيث تسعى الحكومة إلى إعادة بناء جزء من الاحتياطي الأجنبي، من خلال بيع الأصول إلى جانب عوائد المصريين القادمين من الخارج أثناء الإجازات الصيفية.
ولدي الحكومة جدول مزدحم لسداد الديون خلال السنوات الخمس المقبلة، إذ تبلغ التزاماتها الخاصة بالديون 80 مليار دولار حتى عام 2028.
وفي الوقت الذي تدرك فيه الحكومة أن وجود سعرين مختلفين للدولار بالسوق الرسمية والموازية أمر مدمر لأي إقتصاد، تجد نفسها مقيدة في إتخاذ اي إجراءات جديدة للقضاء على السوق السوداء، بتخفيض جديد للجنيه، خصوصا وأن تجارب التعويم السابقة منذ نوفمبر 2016 لم تنجح في القضاء على هذه السوق، بل زادت من حدتها، في ظل عجز العملات الأجنبية بالبنوك، ولجوء المستثمرين إلى السوق السوداء لتدبير إحتياجاتهم منها.

الاقتداء بتجربة الأرجنتين


ويطالب خبراء الحكومة بالإستفادة من تجربة الأرجنتين فيما يتعلق بتوقيع إتفاق مبادلة عملات مع الصين، ما سمح لها بسداد جزء من ديونها لصندوق النقد الدولي بالعملة الصينية، اليوان، بإعتبارها احد عملات حقوق السحب الخاصة المعتمدة لدى الصندوق.
وأبرمت الأرجنتين مؤخرا اتفاقا مع الصين يسمح مبادلة نحو 70 مليار  يوان صيني "10 مليار دولار" بالبيزو الأرجنتيني، مع السماح بسداد مليار دولار من ديونها لصندوق النقد الدولي باليوان الصيني.
وفاقم إلغاء روسيا اتفاق تصدير الحبوب من الأزمة في مصر، التي تعد أكبر مستورد للقمح في العالم، ففي حالة تراجع قيمة الجنيه مجددا سيضاعف فاتورة الواردات المصرية من القمح والزيوت وسلع إستراتيجية أخرى.