رئيس التحرير
علاء الجمل

شاهيناز عباس تكتب:

حنين ويقين.. وتأملات في البيان والتبيين

كتبت حنين في مذكراتها اليومية كيف أنها تشعر بتحسن حالتها النفسية في رمضان، وكيف أنها استطاعت التغلب علي بعض المشكلات التي تواجهها طوال العام من صعوبة التركيز في المهام اليومية وعدم تنظيم الوقت، إلا أنها لاحظت في الشهر الفضيل يتوازن لديها تدبر الأمور وتقوى لديها الإرادة والعزيمة و قدرتها علي تحمل ضغوطات الحياة.

ضبط الذات والتكيف مع متطلبات الصيام هو تدريب للإنسان وتقوية لارادته في السلوك اليومي المعتاد في حالة إيمانية ربانية إنسانية تعزز القدرات الداخلية، فهو صاحب القرار وهو الذي يصبر لوجه الله تعالي فتتهذب نفسه تدريجيا ويصل إلى حالة من السلام النفسي والتقوى.

حنين ويقين وتهذيب النفس في رمضان
 

كما كتبت حنين أنها شعرت بضرورة تغيير الطريقة النمطية التي تضيع بها الأوقات في هذه الايام المعدودات التي اعتاد عليها الأغلبية فالاولوية للروحانياتـ إذ أن الانسان لديه فرصة لإعادة ترتيب أولويات حياته ومهامه من الاهم إلى المهم ومن ثم الأقل أهمية بما يناسب قدراته واستعداداته وارتباطاته وظروفه أيضا، فهي فرصة كبيرة لأن يراجع الإنسان بعض سلوكياته وإعادة مناقشة بعض الافكار التي اعتاد على التعامل معها كمسلّمات، فمجرد التفكير في أسباب منع الله لبعض الأمور والاستسلام للأفكار العقلانية ومحاولة تعميهما أو تطبيقها بصورة جدية أكثر من ذي قبل هي عودة الى الذات الانسانية وهذه بحد ذاتها غاية عظيمة.

اقترحت حنين علي يقين بعض من أفكارها فروتين الحياة ونمطيتها خلال الأحد عشر شهرا من الأفضل أن يتغير لشحن الطاقة الايمانية فلنبتعد قليلا عن الجهاز الذي نمسكه بأصابعنا ليلا ونهارا ونعود للحياة التقليدية من الإمساك بالمصحف الورقي والتسبيح باليد أو بالمسبحة التقليدية

واستخدام المذياع وقراءة بعض الكتب الدينية والتراثية والتي تعزز الفهم الروحاني والتعمق الديني واستخلاص بعض الأدعية وكتابتها بخط اليد في أوراق ملونة وبخط جميل والدعاء بها عقب كل صلاة.

واتفقتا علي قراءة كتاب "البيان والتبيين" للجاحظ واستخلاص بعض الافكار من هذا الكتاب والذي يعد من أهم الكتب التي قد تعزز القدرة علي الكتابة الأدبية والابداعية، فكما قال ابن خلدون أن أصول الفن وأركانه أربعة دواوين وهي: كتاب الكامل للمبرد، وأدب الكاتب لابن قتيبة، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي البغدادي.

والجاحظ هو أبو عثمان عمرو بن بحر الكناني البصريّ، نُسب إليه لقب الجاحظ لبروز ظاهرٍ في عينيه، عُرف بشدة نهمه في طلب العلم، فحاز في صدره من ضروب الثقافة والمعرفة، وقد ولد في البصرة عام 159 هجرية وعمّر أكثر من تسعين سنةً، عاصر فيهم عددّا من الخلفاء العباسيين، وقد توفي عام 255 هجرية.

 

وكان الجاحظ مطلعًا على الثقافات غير العربية كالفارسية واليونانية والهندية اطلاعًا واسعًا، وقيل أنه تعلّم الفارسية لأنه دوّن بعض النصوص باللغة الفارسية في كتابه “المحاسن والأضداد”. شد الرحال إلى بغداد، وهناك تصدّر للتدريس فبرز وتميز، وتولّى ديوان الرسائل للخليفة “المأمون

كتبت حنين بعض أقوال الجاحظ التي أعجبتها :

 القلم أحد اللسانين، والقلم أبقى أثراً، واللسان أكثر هذراً.

 إذا كان الحب يعمي عن المساويء فالبغض يعمي عن المحاسن.

 حدِّث الناس ما حدجوك بأبصارهم وأذنوا لك بأسماعهم، فإن رأيت منهم فترة فأمسك.

 كان السلف يخافون من فتنة القول أكثر مما يخافون من فتنة السكوت.

كما قال الجاحظ: أحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره ومعناه في ظاهر لفظه ، فإذا كان المعنى شريفاً ، واللفظ بليغاً وكان صحيح الطبع بعيداً عن الاستكراه ومنزهاً عن الاختلال مصوناً عن التكلف صنع في القلوب صنيع الغيث في التربة الكريمة.

 

وأما معني البيان فالبيان اسمٌ جامع لكل شيء كشفَ لك قناع المعنى، وهتك الحُجُب دون الضمير، حتى يُفضيَ السامع إلى حقيقته، حيث يحوي الكتاب مختارات من الأعمال الأدبية، وما حوته تلك الأعمال من خطب وقصائد وتعليقات ورسائل. كما يستعرض الكتاب خطابات بعض الفصحاء الأعلام وما فيها من البلاغة والخطابة. وقد ساهم هذا الكتاب في إرساء الأسس العلمية الأولية للبلاغة العربية وفلسفة اللغة.

والبيان لغة، هو الوضوح، أما التبيين فهو التوضيح والكشف، إذ جاء في محكم الكتاب “(ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء).

 

"البيان والتبيين" هو كتاب في الأدب يتناول فيه موضوعات متفرقة مثل الحديث عن الأنبياء والخطباء والفقهاء والأمراء ، والحديث عن البلاغة واللسان والصمت والشعر والخطب ، والرد على الشعوبية واللحن والحمقى والمجانين ، ووصايا الأعراب ونوادرهم والزهد ، وغير ذلك ويتكون من ثلاثة أجزاء.

وموضوع علم البيان وفلسفة اللغة توزع على الأجزاء الثلاثة: في الجزء الأول تحدث عن مفهوم البيان وأنواعه، وآفات اللسان، والبلاغة والفصاحة. وفي الجزء الثاني تحدث عن الخطابة وطبقات الشعراء، وفي الجزء الثالث تكلم على أصل اللغة وقيمة الشعر.

 

واختارت يقين هذه الفقرة من الكتاب من "باب من الخطب القصار من خطب السلف، ومواعظ من مواعظ النساك، وتأديب من تأديب العلماء"

 

قال رجل لأبي هريرة النحويّ: أريد أن أتعلّم العلم وأخاف أن أضيّعه.فقال: "كفى بترك العلم إضاعة".

وسمع الأحنف رجلا يقول: «التعلم في الصغر كالنقش في الحجر".

فقال الأحنف: «الكبير أكبر عقلا، ولكنه أشغل قلبا".

وقال أبو الدرداء: ما لي أرى علماءكم يذهبون وجهالكم لا يتعلمون.

 

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلوا".

قالوا: ولذلك قال عبد الله بن عباس رحمه الله، حين دلّى زيد بن ثابت في القبر، رحمه الله: «من سرّه أن يرى كيف ذهاب العلم فلينظر، فهكذا ذهابه فاللهم اني اعوذ بك من ذهاب العلم والعلماء وافتاء الجهلاء

حنين ويقين اتفقتا علي ارسال بعض الادعية والاذكار فأعطت حنين هذا الدعاء الذي تردده دوما حين تستغلق عليها بعض الأمور والذي كتبته بخط جميل مزدان ببعض الزخارف الاسلامية التي تحبها حنين 

(اللهم زدني علما و فهما يا كاشف الأسرار يا عالم السر و الخفيات اكشف لي الحجب عن وجوه العلوم و الأسئلة حتى اطلع على حقيقتها و احفظني عن الخطأ و الضلاله  و انت الموفق لكل امر و انت علام الغيوب اللهم ارزقني فهم النبيين و حفظ المرسلين و الهام الملائكة المقربين بجاه سيدنا محمد)