رئيس التحرير
علاء الجمل

شادي صلاح الدين يكتب:

الأندية ووكلاء اللاعبين.. تحالف مدمر للرياضة في مصر

في عالم كرة القدم، تُعد مصر واحدة من القوى الكروية في إفريقيا والعالم العربي. ولكن هذا التألق قد ظلمته صورته مؤخراً بسبب ظاهرة السمسرة التي تستشري بين الأندية ووكلاء اللاعبين.

سمسرة الأندية ليست مجرد تبادل مادي عابر، بل تعكس عملية تفكيك ممنهجة للمنظومة الكروية. الوكلاء، الذين يفترض أن يكونوا جسرًا بين اللاعب والنادي، يتحولون إلى وسطاء تجاريين، يسعون لتحقيق أعلى ربح ممكن.

هذا التركيز على الربح يؤدي إلى إهمال مصلحة اللاعب واللعبة نفسها. النوادي تصبح أشبه بأسواق للتجارة بدلاً من مؤسسات رياضية ملتزمة بتطوير المواهب وتحقيق النجاحات.

الأثر السلبي لهذه السمسرة لا يقتصر على النوادي واللاعبين فقط. إنه يمتد ليمس البنية التحتية للكرة المصرية ككل. بدلاً من الاستثمار في التطوير والتدريب، يتم التركيز على الصفقات الفورية والربح السريع.

والأسوأ من ذلك، هو تحول بعض الأندية إلى مجرد واجهة لوكلاء تجاريين، حيث يتم توجيه القرارات وفقًا لمصلحة الوكيل وليس النادي أو اللاعب. هذا يقلل من قيمة اللعبة ويحولها إلى مجرد معاملات تجارية.

فإضافة إلى التأثيرات الداخلية للسمسرة وسيطرة الأندية على الكرة المصرية، يوجد تأثير خارجي واضح على وجود اللاعبين المصريين في أوروبا. تعد الأندية الأوروبية محطة مهمة لأي لاعب يسعى للارتقاء بمستواه وتحقيق النجاح على الصعيد الدولي. لكن سيطرة الوكلاء وسمسرة الأندية تعرقل هذا الطريق. تتحول مسيرة اللاعب إلى مجرد جزء من صفقة تجارية تقتصر على تحقيق أعلى عائد مادي، دون النظر في مصلحة اللاعب وتطوير مهاراته. ندرة اللاعبين المصريين في الأندية الأوروبية تعكس فشل نظام يضع المال فوق كل شيء، وتقليل الفرص أمام المواهب المصرية للتألق على الصعيد العالمي. هذا الواقع يتطلب تفكيكًا للنظام الحالي وإعادة هيكلة تعيد الثقة في قدرة مصر على تقديم لاعبين يستحقون المكانة العالمية.
لحل هذه المشكلة، يجب أن تتحلى الأندية والاتحادات بالشفافية والمسؤولية. يجب وضع قوانين صارمة للحد من سيطرة الوكلاء والتأكيد على أهمية الرياضة كقيمة ثقافية ووطنية وليست مجرد سوق للتجارة.

في النهاية، تقف مصر على مفترق طرق: إما أن تتخذ خطوات حاسمة لإصلاح هذه المشكلة وإعادة بناء الثقة في المنظومة الكروية، أو أن تسمح لهذه السمسرة بأن تدمر اللعبة التي نحب. الاختيار يكمن بيدنا، والوقت يداهم.